فصل: السنة التاسعة والعشرون من سلطنة الناصر الثالثة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة التاسعة والعشرون من سلطنة الناصر الثالثة

وهي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي قاضي قضاة دمشق شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بن الحسين بن علي الإربلي الزرزاري الشافعي وقع عن بغلته فلزم الفراش أسبوعًا ومات في جمادى الأولى بدمشق‏.‏

ومولده سنة اثنتين وستين وستمائة‏.‏

وكان بارعًا في الفقه والفروع والشروط وأفتى ودرس وكتب الطباق وسمع الكثير وولي قضاء دمشق بعد القاضي جمال الدين بن جملة وعزل بالقاضي جلال الدين القزويني‏.‏

ولما تولى القاضي شهاب الدين بن القيسراني كتابة سر دمشق توجه القاضي شهاب الدين هذا إليه لتهنئته فنفرت به البغلة في الطريق فوقع فشج دماغه فحمل في محفة إلى بيته ومات بعد أسبوع‏.‏

ولما وقع عن بغلته قال فيه الشيخ شمس الدين محمد بن الخياط الدمشقي رحمه الله‏:‏ السريع تكاثر ألهاه من عجبه حتى غدا ملقى على القارعه فأظهرت زوجته عندها تضايقًا بالرحمة الواسعه وتوفي الشيخ الإمام العلامة النحوي ركن الدين محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المعروف بابن القوبع القرشي التونسي المالكي النحوي صاحب الفنون الكثيرة بالقاهرة عن أربع وسبعين سنة‏.‏

وتوفي شيخ الإسلام شرف الدين هبة الله بن قاضي حماة نجم الدين عبد الرحيم بن أبي الطاهر إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد الشافعي الجهني المعروف بابن البارزي قاضي حماة في نصف ذي القعدة‏.‏

ومولده في خامس شهر رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة‏.‏

وكان إمامًا علامة في الفقه والأصول والنحو واللغة وأفتى ودرس سنين وانتفع الطلبة به وتخرج به خلائق وحكم بحماة دهرًا ثم ترك الحكم وذهب بصره‏.‏

وصنف كتبًا كثيرة وحج مرات وحدث بأماكن‏.‏

ولما مات غلقت أبواب حماة لمشهده‏.‏

ومن مصنفاته‏:‏ تفسيران وكتاب بديع القرآن ووشرح الشاطبية والشرعة في القراءات السبعة و كتاب الناسخ والمنسوخ وكتاب مختصر جامع الأصول مجلدين والوفا في شرح أحاديث المصطفى والأحكام على أبواب التنبيه‏.‏

وغريب الحديث وشرح الحاوي في الفقه أربع مجلدات ومختصر التنبيه في وتوفي القاضي الرئيس محيي الدين يحيي بن فضل الله بن مجلي العمري القرشي كاتب السر الشريف بالشام أولًا ثم بمصر آخرًا وهو أخو القاضي شرف الدين عبد الوهاب وأخو القاضي بدر الدين محمد ووالد القاضي العلامة شهاب الدين أحمد وبدر الدين محمد وعلاء الدين علي وجد القاضي بدر الدين محمد بن علي آخر من ولي من بني فضل الله كتابة السر بديار مصر الآتي ذكره في محله إن شاء الله تعالى‏.‏

قال الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك‏:‏ لم أر فى عمري من كتب النسخ وخرج التخاريج والحواشي أحلى وأظرف ولا ألطف منه بل الشيخ فتح الدين بن سيد الناس معه والقاضي جمال الدين إبراهيم ابن شيخنا شهاب الدين محمود فإن هؤلاء الثلاثة غاية في حسن الكتابة‏.‏

لكن القاضي محيي الدين هذا رعشت يده وارتجت كتابته أخيرًا‏.‏

قال‏:‏ ولم أر عمري من نال سعادته في مثل أولاده وأملاكه ووظائفه وعمره‏.‏

وكان السلطان قد بالغ أخيرًا في احترامه وتعظيمه وكتب له في أيام الأمير سيف الدين ألجاي الداودار توقيعًا بالجناب العالي يقبل الأرض واستعفى من ذلك وكشطها وقال‏:‏ ما يصلح لمتعمم أن يعدى به المجلس العالي‏.‏

انتهى كلام الشيخ صلاح الدين‏.‏

وتوفي قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة الدمشقي الشافعي قاضي قضاة دمشق بها‏.‏

وكان فقيهًا بارعًا ولي قضاء دمشق إلى أن عزل بقاضي القضاة شهاب الدين بن وتوفى الأمير سيف الدين طغجي بن عبد الله المنصوري في الحبس‏.‏

وكان من أعيان الأمراء البرجية معدودًا من الشجعان‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين صلديه بن عبد الله كاشف الوجه القبلي وكان من الظلمة مهد البلاد في ولايته‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين آقول بن عبد الله المنصوري الناصري الحاجب بديار مصر‏.‏

وكان من أعيان الأمراء‏.‏

وتوفي الأديب شهاب الدين أحمد بن يوسف بن هلال الصفدي الطبيب ومولده في سنة إحدى وستين وستمائة‏.‏

كان من جملة أطباء السلطان وكان بارعًا في الطب وله قدرة على وضع المشجرات ويبرز أمداح الناس في أشكال أطيار وعمائر وأشجار وعقد وأخياط وغير ذلك وله نظم ونثر‏.‏

ومن شعره ما يكتب على سيف‏:‏ الكامل أنا أبيض كم جئت يومًا أسودا فأعدته بالنصر يومًا أبيضًا ذكر إذا ما استل يوم كريهة جعل الذكور من الأعادي حيضا أختال ما بين المنايا والمنى وأجول في وسط القضايا والقضا أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وخمس عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏

وكان الوفاء يوم النوروز‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

السنة الثلاثون من سلطنة الناصر محمد بن قلاوون الثالثة‏.‏

وهي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي خطيب القدس زين الدين عبد الرحيم بن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي الحموي الأصل المعروف بابن جماعة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بهادر بن عبد الله المعزي الناصري أحد أمراء الألوف بالديار المصرية في ليلة الجمعة تاسع شعبان‏.‏

وكان أميرًا جليلًا معظمًا في دولة أستاذه بلغت تركته مائة ألف دينار أخذها النشو ناظر الخاص‏.‏

وتوفي قاضي القضاة العلامة جلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم القزويني الشافعي بدمشق في خامس عشر جمادى الأخرة‏.‏

وكان ولي قضاء مصر والشام وكان عالمًا بارعًا مفتنًا في علوم كثيرة وله مصنفات في عدة فنون‏.‏

وكان مولده بالموصل في سنة ست وستين وستمائة‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام الحافظ المؤرخ علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الشافعي بخليص وهو محرم في رابع ذي الحجة عن أربع وسبعين سنة‏.‏

وبرزالة‏:‏ قبيلة قليلة جدًا‏.‏

وكان أبوه شهاب الدين محمد من كبار عدول دمشق‏.‏

وأما جد أبيه محمد بن يوسف فهو الإمام الحافظ زكي الدين الرحال محدث الشام أحد الحفاظ المشهورين‏.‏

وقد تقدم ذكره‏.‏

انتهى‏.‏

وكان الحافظ علم الدين هذا محدثًا حافظًا فاضلًا سمع الكثير ورحل إلى البلاد وحصل ودأب وسمع خلائق كثيرة تزيد عدتهم على ألفي شيخ وحدث وخرج وأفاد وأفتى وصنف تاريخًا على السنين‏.‏

وتوفي الشيخ الأديب أبو المعالي زين الدين خضر بن إبراهيم بن عمر بن محمد بن يحيى الرفاء الخفاجي المصري عن تسع وسبعين سنة‏.‏

ومن شعره في ساق‏:‏ البسيط لله ساق له ردف فتنت به لما تبدى بساق منه براق فلا تسل فيه عن وجدي وعن ولهي فأصل ما بي من ردف ومن ساق قلت‏:‏ وأحسن من هذا قول القيراطي‏:‏ مجزوء الرجز وأغيد يسقي الطلا بديع حسن قد بهر في كفه شمس فما له لرائيه قمر وأحسن منهما قول القائل فى هذا المعنى‏:‏ السريع وقد فهمناه وهمنا به بأحسن ما زمزم وسط المقام وتوفي الشيخ جمال الدين أحمد بن هبة الله بن المكين الإسنائي الفقيه الشافعي بإسنا وقد جاوز السبعين سنة في شوال‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين علي بن أمير حاجب والي مصر وأحد الأمراء العشرات وهو معزول وكان عنده فضيلة وعني بجمع القصائد النبوية حتى كمل عنده منها خمسة وسبعون مجلدًا‏.‏

وتوفي قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو عثمان بن علي بن عثمان بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب بن علي بن هبة الله بن ناجية الشافعي المعروف بابن خطيب جبرين بالقاهرة بالمدرسة المنصورية ليلة السبت السابع والعشرين من المحرم ودفن بمقابر الصوفية‏.‏

ومولده في العشر الأخير من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وستمائة بالحسنية ظاهر القاهرة‏.‏

وكان بارعًا في الفقه والأصول والنحو والأدب والحديث والقراءات وتولى قضاء حلب سنة ست وثلاثين وسبعمائة فتكلم فيه فطلبه الملك الناصر وطلب ولده فروعهما الحضور قدامه لكلام أغلظه لهما فنزلا مرعوبين ومرضا بالبيمارستان المنصوري فمات ولده قبله وتوفي هو بعده بيوم أو يومين‏.‏

وكان عالمًا وله عدة مصنفات‏.‏

شرح الشامل الصغير وشرح التعجيز وشرح مختصر ابن الحاجب في الأصول وشرح البديع لابن الساعاتي في وتوفي الأمير الفقيه علاء الدين أبو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله الفارسي الحنفي بمنزله على شاطىء النيل في تاسع شوال‏.‏

ومولده في سنة خمس وسبعين وستمائة‏.‏

كان إمامًا فقيهًا بارعًا محدثًا‏.‏

أفتى ودرس وحصل من الكتب جملة مستكثرة وصنف عدة مصنفات ورتب التقاسيم والأنواع في الحديث لابن حبان ورتب الطبراني ترتيبًا جيدًا إلى الغاية وألف سيرة لطيفة للنبي صلى الله عليه وسلم وكتابًا في المناسك جامعًا لفروع كثيرة في المذهب‏.‏

وتوفي القاضي فخر الدين محمد بن بهاء الدين عبد الله بن أحمد المعروف بابن الحلي بالقدس الشريف‏.‏

وكان رئيسًا ولي نظر جيش دمشق عدة سنين‏.‏

وتوفي علاء الدين علي بن هلال الدولة بقلعة شيزر بعد ماولي بالقاهرة عدة وظائف‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بيليك بن عبد الله المحسني بطرابلس‏.‏

وكان من جملة أمرائها‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

السنة الحادية والثلاثون من سلطنة الناصر الثالثة فيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر الهاشمي العباسي بمدينة قوص في خامس شعبان عن ست وخمسين سنة وستة أشهر وأحد عشر يومًا‏.‏

وكانت خلافته تسعًا وثلاثين سنة وشهرين وثلاثة عشر يومًا‏.‏

وكان حشمًا كريمًا فاضلًا‏.‏

كان أخرجه الملك الناصر إلى قوص لما كان في نفسه منه لما كان منه في القيام بنصرة الملك المظفر بيبرس الجاشنكير وتولى الخلافة من بعده ولده أبو العباس أحمد ولقب بالحاكم على لقب جده بعهد منه إليه‏.‏

وكان الناصر منع الحاكم من الخلافة وولى غيره حسب ما ذكرناه في ترجمة الملك الناصر فلم يتم له ذلك وولى الحاكم هذا‏.‏

وتوفي الأمير شمس الدين آق سنقر بن عبد الله شاد العمائر المنسوبة إليه قنطرة سنقر على الخليج خارج القاهرة والجامع بسويقة السباعين على البركة الناصرية فيما بين القاهرة ومصر‏.‏

وكانت وفاته بدمشق‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين علي بن حسن المرواني والي القاهرة في ثاتي عشرين رجب بعد ما قاسى أمراضًا شنيعة مذة سنة‏.‏

وكان ظالمًا غشومًا سفاكًا للدماء اقترح في أيام ولايته عقوبات مهولة منها أنه كان ينعل الرجل في رجليه بالحديد كما تنعل الخيل ومنها تعليق الرجل بيديه وتعلق مقايرات العلاج في رجليه فتنخلع أعضاؤه فيموت‏.‏

وقتل خلقًا كثيرًا من الكتاب وغيرهم في أيام النشو‏.‏

ولما حملت جنازته وقف عالم كثير لرجمه فركب الوالي وابن صابر المقدم حتى طردوهم ومنعوهم ودفنوه‏.‏

وتوفي شرف الدين عبد الوهاب بن التاج فضل الله المعروف بالنشو ناظر الخاص الشريف تحت العقوبة في يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الآخر‏.‏

وقد تقدم التعريف بأحواله وكيفية قتله والقبض عليه في ترجمة الملك الناصر هذه مفصلًا مستوفى‏.‏

كان هو وأبوه وإخوته يخدمون الأمير بكتمر الحاجب ثم خدم النشو هذا عند الأمير أيدغمش أمير آخور‏.‏

فلما جمع السلطان في بعض الأيام كتاب الأمراء رأى النشو وهو واقف وراء الجماعة وهو شاب نصراني طويل حلو الوجه فاستدعاه وقال له‏:‏ إيش اسمك قال‏:‏ النشو فقال السلطان‏:‏ أنا أجعلك نشوي ورتبه مستوفيًا وأقبلت سعادته فأرضاه فيما ندبه إليه وملأ عينه واستمر على ذلك حتى استسلمه الأمير بكتمر الساقي وسلم إليه ديوان سيدي آنوك بن الملك الناصر إلى أن توفي القاضي فخر الدين ناظر الجيش فنقل الملك الناصر شمس الدين موسى ناظر الخاص إلى نظر الجيش عوضه وولى النشو هذا نظر الخاص على ما بيده من ديوان ابن السلطان‏.‏

ووقع له ماحكيناه في ترجمة الملك الناصر كل شيء فى محله‏.‏

قال الصلاح الصفدي‏:‏ ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني كانت أخلاقه حسنة وفيه بشر وطلاقة وجه وتسرع لقضاء حوائج الناس وكان الناس يحبونه‏.‏

فلما تولى الخاص وكثر الطلب عليه وزاد في الإنعامات والعمائر وبالغ في أثمان المماليك وزوج بناته واحتاج إلى الكلف العظيمة ساءت أخلاق النشو وأنكر من يعرفه وفتح أبواب المصادرات‏.‏

انتهى كلام الصفدي باختصار‏.‏

وتوفي الشيخ مجد الدين أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السنكلوني الشافعي في شهر ربيع الأول وكان فقيهًا فاضلًا‏.‏

شرح التنبيه في الفقه وتولى مشيخة خانقاه الملك المظفر بيبرس ودرس وأفتى‏.‏

وتوفي الأمير ركن الدين بيبرس بن عبد الله الأوحدي المنصوري والي قلعة الجبل في شهر ربيع الأول‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أيدمر بن عبد الله الدوادار بدمشق‏.‏

وكان أميرًا جليلًا خيرًا دينًا‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بهادر بن عبد الله البدري الناصري نائب الكرك بعد ما عزل عن الكرك ونفي إلى طرابلس فمات بها‏.‏

وتوفي شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس العلامة مجد الدين أبو حامد موسى بن أحمد بن محمود الأقصرائي الحنفي في شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان إمامًا فقيهًا بارعًا مفتيًا‏.‏

وتوفي الشيخ جمال الدين عبد القاهر بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم التبريزي وجدي وتصبري قليل وكثير والقلب ومدمعي طليق وأسير والكون وحسنكم جليل وحقير والعبد وأنتم غني وفقير وتوفي الأمير ركن الدين بيبرس الركني كاشف الوجه البحري ونائب الإسكندرية‏.‏

وكان أصله من مماليك الملك المظفر بيبرس الجاشنكير‏.‏

رحمه الله‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ثة سبع عشرة ذراعًا وثماني أصابع‏.‏

السنة الثانية والثلاثون من سلطنة الناصر محمد بن قلاوون الثالثة على مصر وهي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وهي التي مات فيها الملك الناصر حسب ما تقدم ذكره‏.‏

فيها أعني سنة إحدى وأربعين توفي الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير بدر الدين جنكلي بن البابا في يوم الرابع والعشرين من رجب‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وكان فقيهًا أديبًا شاعرًا‏.‏

وتوفي الوزير الصاحب أمين الدين أمين الملك أبو سعيد عبد الله بن تاج الرياسة بن الغنام تحت العقوبة مخنوقًا في يوم الجمعة رابع جمادى الأولى ووزر ثلاث مرات بالديار المصرية وباشر نظر الدولة واستيفاء الصحبة وخدم في بيت السلطان من الأيام الأشرفية وتنقل في عدة خدم بمصر ودمشق وطرابلس نصرانيًا ومسلمًا‏.‏

ولما أسلم حسن إسلامه وتجنب النصارى وكان رضي الخلق‏.‏

وتوفي الغلامة افتخارالدين جابر بن محمد بن محمد الخوارزمي الحنفي شيخ الجاولية بالكبش خارج القاهرة في يوم الخميس سادس عشر المحرم وكان إمامًا عالمًا بارعًا في النحو واللغة شاعرًا أديبًا مفوهًا‏.‏

وتوفي القاضي عز الدين عبد الرحيم بن نور الدين علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الفرات أحد نواب الحكم الحنفية في ليلة الجمعة ثاني عشرين ذي الحجة وكان فقيهًا محدثًا‏.‏

وتوفي الأمير الكبير شمس الدين قراسنقر المنصوري ببلاد مراغة وقد أقطعه إياها بو سعيد بن خربندا ملك التتار وكان موته بمرض الإسهال‏.‏

وقد أعيا الملك الناصر قتله وبعث إليه كثيرًا من الفداوية بحيث قتل بسببه نحو مائة وأربعة وعشرين فداويًا ممن كان يتوجه لقتله فيمسك ويقتل‏.‏

فلما بلغ السلطان موته قال‏:‏ والله ما كنت أشتهي موته إلا من تحت سيفي وأكون قد قدرت عليه ولكن الأجل حصين‏.‏

قلت‏:‏ وقد مر ذكر موت قراسنقر قبل هذا التاريخ‏.‏

ولكن الظاهر لي أن الأصح المذكور هنا الآن من قرائن ظهرت‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بن الحاج قطز بن عبد الله الظاهري أحد أمراء الطبلخاناه بالديار المصرية وهو آخر من بقي من مماليك الظاهر بيبرس البندقداري من الأمراء‏.‏

وتوفي الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن يوسف المزي الشافعي أخو الحافظ جمال الدين المزي لأبيه في يوم الثلاثاء ثالث شهر رمضان‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد عز الدين عبد المؤمن بن قطب الدين أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن الكمال أبي القاسم عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن المعروف بابن العجمي الحلبي الشافعي بمصر‏.‏

كان تزهد بعد الرياسة وحج ماشيًا من دمشق وجاور بمكة‏.‏

وكان لا يقبل لأحد شيئًا بل كان يقتات من وقف أبيه بحلب وكان له مكارم وصدقات وشعر جيد‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين تنكز بن عبد الله الحسامي الناصري نائب الشام‏.‏

كان أصله من مماليك الملك المنصور حسام الدين لاجين‏.‏

فلما قتل لاجين صار من خاضكية الناصر وشهد معه وقعة وادي الخازندار ثم وقعة شقحب ثم توجه مع الناصر إلى الكرك‏.‏

فلما تسلطن الملك الناصر ثالث مرة رقاه حتى ولاه نيابة الشام فطالت مدته إلى أن قبض عليه السلطان الملك الناصر في هذه السنة وقتله بثغر الإسكندرية‏.‏

وقد مر من ذكر تنكز في ترجمة الملك الناصر الثالثة ما فيه كفاية عن الإعادة هنا لأن غالب ترجمة الملك الناصر وأفعاله كانت مختلفة مع أفعال تنكز لكثرة قدومه إلى القاهرة وخصوصيته عند الناصر من أول ترجمته إلى آخرها إلى حين قبض عليه وحبسه‏.‏

كل ذلك ذكرناه مفصلًا في اليوم والشهر وما وجد له من الأموال والأملاك‏.‏

كل ذلك في أواخر ترجمة الملك الناصر‏.‏

ولما ولي الأمير ألطنبغا الصالحي نيابة الشام بعد تنكز قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في تنكز المذكور أبياتًا منها‏:‏ الطويل ألا هل لييلات تقضت على الحمى تعود بوعد للسرور منجز ليال إذا رام المبالغ وصفها يشبهها حسنًا بأيام تنكز أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وإحدى عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون على مصر هو السلطان الملك المنصور سيف الدين أبو بكر ابن السلطان الملك الناصر أبي المعالي محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون‏.‏

جلس على تخت الملك بالإيوان من قلعة الجبل بعهد من أبيه إليه صبيحة توفي والده وهو يوم الخميس حادي عشرين ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ولقبه الأمراء الأكابر بالملك المنصور على لقب جده‏.‏

والمنصور هذا هو الثالث عشر من ملوك الترك بديار مصر والأول من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

واتفق الأمراء على إقامة الأمير سيف الدين طقزدمر الحموي حمو الملك المنصور هذا في نيابة السلطنة بديار مصر كونه من أكابر الأمراء وأيضًا صهر السلطان ويكون الأمير قوصون الناصري مدبر المملكة ورأس المشورة ويشاركه في الرأي الأمير بشتك الناصري‏.‏

وتم ذلك ورسم بتجهيز التشاريف والخلع إلى نواب البلاد الشامية على يد الأمير قطلوبغا الفخري ورسم له بتحليف الأمراء والنواب بالبلاد الشامية على العادة‏.‏

ونودي بالقاهرة ومصر أن يتعامل الناس بالفضة والذهب بسعر الله تعالى فسر الناس بذلك فإنهم كانوا قد امتنعوا من التعامل بالفضة وألا تكون معاملتهم إلا بالذهب‏.‏

ثم أفرج عن بركة الحبش وقف الأشراف وكان النشو قد أخذها من الأشراف وصار ينفق فيهم من بيت ثم في يوم الخميس ثامن عشرين ذي الحجة أنعم الملك المنصور على عشرة أمراء بإمرة طبلخاناه‏.‏

ثم جمع القضاة في يوم السبت سلخه في جامع القلعة للنظر في أمر الخليفة الحاكم بأمر الله أحمد بن أبي الربيع سليمان وإعادته إلى الخلافة وحضر معهم الأمير طاجار الدوادار‏.‏

فاتفقوا على إعادته لعهد أبيه إليه بالخلافة بمقتضى مكتوب ثابت على قاضي قوص‏.‏

ثم في يوم الإثنين ثاني المحرم سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة خلع السلطان على جميع الأمراء المقدمين في الموكب بدار العدل وطلع القضاة وجلس الخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد على الدرجة الثالثة من تخت السلطان وعليه خلعة خضراء وفوق عمامته طرحة سوداء مرقومة بالذهب‏.‏

ثم خرج السلطان من باب السر على العادة إلى الإيوان فقام له الخليفة والقضاة ومن كان جالسًا من الأمراء وجلس على الدرجة الأولى دون الخليفة‏.‏

وقام الخليفة وآفتتح الخطبة بقوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ إن آلله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر وآلبغي يعظكم لعلكم تذكرون‏.‏

وأوفوا بعهد آلله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم آلله عليكم كفيلًا إن الله يعلم ما تفعلون ‏"‏‏.‏

ثم أوصى الأمراء بالرفق بالرعية وإقامة الحق وتعظيم شعائر الإسلام ونصرة الدين ثم قال‏:‏ فوضت إليك جميع أحكام المسلمين وقلدتك ما تقلدته من أمور الدين‏.‏

ثم تلا قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرًا عظيمًا‏.‏

وجلس فجيء في الحال بخلعة سوداء فألبسها الخليفة السلطان بيده ثم قلده سيفًا عربيًا وأخذ القاضي علاء الدين علي بن فضل الله كاتب السر في قراءة عهد الخليفة للسلطان حتى فرغ منه ثم قدمه إلى الخليفة فكتب عليه ثم كتب بعده قضاة القضاء بالشهادة عليه ثم قدم السماط فأكلوا وانقضت الخدمة‏.‏

ثم قدم الأمير بيغرا في يوم الخميس خامس المحرم من عند الأمير أحمد ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك وقد حلفه بمدينة الكرك لأخيه السلطان الملك المنصور هذا ففرح الناس بذلك‏.‏

ثم في يوم الأحد ثامن المحرم قبض على الأمير بشتك الناصري وذلك أنه طلب أن يستقر في نيابة الشام ودخل على الأمير قوصون وسأله في ذلك وأعلمه أن السلطان كان قبل موته وعلى بها وألح في سؤاله وقوصون يدافعه ويحتج عليه بأنه قد كتب إلى الأمير ألطنبغا الصالحي نائب دمشق تقليدًا بآستمراره في نيابة دمشق على عادته ولا يليق عزله سريعًا فقام عنه بشتك وهو غير راض فإنه كان قد توهم من قوصون وخشي منه على نفسه وطلب الخروج من ديار مصر لما كان بينهما قديما من المنافرة ولأن قوصون صار الآن متحكمًا في الدولة‏.‏

فلما خرج بشتك من عند قوصون وهو غير راض سعى بخاصكية السلطان وحمل إليهم مالًا كثيرًا في السر وبعث إلى الأمراء الكبار وطلب منهم المساعدة فما زالوا بالسلطان حتى أنعم عليه بنيابة الشام وطلب الأمير قوصون وأعلمه بذلك فلم يوافقه وقرر مع السلطان أنه يحدث الأمراء في ذلك ويعدهم بأنه يولي بشتك إذا قدم الأمير قطلوبغا الفخري من تحليف نائب الشام وبنسخة اليمين‏.‏

فلما دخل الأمراء عرفهم السلطان طلب بشتك بنيابة الشام فأخذوا في الثناء عليه والشكر منه فاستدعاه وطيب خاطره ووعده بها عند قدوم الفخري ورسم له بأن يتجهز للسمرة فظن بشتك أن ذلك صحيح وقام مع الأمراء من الخدمة وأخذ في عرض خيوله وبعث لكل من أكابر الأمراء المقدمين ما بين ثلاثة أرؤس إلى رأسين بالقماش المذهب الماخر وبعث معها أيضًا الهجن ثم بعث إلى الأمراء الخاصكية مثل ملكتمر الحجازي وألطنبغا المارداني شيئًا كثيرًا من الذهب والجوهر واللؤلؤ والتحف‏.‏

وفرق عدة من الجواري في الأمراء بحيث إنه لم يبق أحد من الأمراء إلا وأرسل إليه‏.‏

ثم فرق على مماليكه وأجناده وأخرج ثمانين جارية بعد ما شورهن بالأقمشة والزراكش وزوجهن‏.‏

وفرق من شونته على الأمراء اثني عشر ألف إردب غلة‏.‏

وزاد بشتك في العطاء حتى وقع الإنكار عليه واتهمه السلطان والأمير قوصون بأنه يريد الوثوب على السلطان وعملوا هذا من فعله حجة للقبض عليه‏.‏

وكان ما خص الأمير قوصون من تفرقة بشتك في هذه النوبة حجرين من حجارة معاصير القصب بما فيهما من القنود والسكر والأعسال والأبقار والغلال والآلات وخمسمائة فدان من القصب مزروعة في أراض ملك له وغير ذلك فأدهش الأمراء كثرة عطائه وآستغنى منه جماعة من مماليكه وحواشيه‏.‏

ولما كثرت القالة فيه بأنه يريد إفساد الدولة خلا به بعض خواصه وعرفه ذلك وأشار عليه بإمساك يده عن العطاء فقال‏:‏ ‏"‏ هم إذا قبضوا علي أخذوا مالي وأنا أحق بتفرقته منهم وإذا سلمت فالمال كثير ‏"‏‏.‏

هذا وقد قام قوصون في أمر بشتك المذكور قيامًا حتى وافقه السلطان على القبض عليه عند قدوم قطلوبغا الفخري‏.‏

فأشاع قوصون أن بشتك يريد القبض على الفخري إذا حضر فبلغ ذلك بعض خواص قطلوبغا فبعث إليه من تلقاه وعرفه بما وقع من تجهيز بشتك وأنه على عزم من أن يلقاك في طريقك ويقتلك فكن على حذر فأخذ قطلوبغا من الصالحية يحترز على نفسه حتى نزل سرياقوس‏.‏

واتفق من الأمر العجيب أن بشتك خرج إلى حوشه بالريدانية خارج القاهرة ليعرض هجنه وجماله فطار الخبر إلى قطلوبغا أن بشتك قد خرج إلى الريدانية في انتظارك فآستعد قطلوبغا ولبس السلاح من تحت ثيابه وسار حتى تلقاه عدة كثيرة من مماليكه وحواشيه وهو على أهبة الخروج للحرب وخرج قطلوبغا عن الطريق وسلك من تحت الجبل لينجو من بشتك وقد قوي عنده صحة ما بلغه وكان عند بشتك علم من قدومه فلما قرب قطلوبغا من الموضع الذي فيه بشتك لاحت له غبرة خيل فحدس بشتك أنه قطلوبغا الفخري قد قدم فبعث إليه أحد مماليكه يبلغه سلامه وأنه يقف حتى يأتيه فيجتمع به‏.‏

فلما بلغ الفخري ذلك زاد خوفه من بشتك فقال له‏:‏ ‏"‏ سلم على الأمير وقل له‏:‏ لا يمكن آجتماعه بي قبل أن أقف قدام السلطان‏.‏

ثم بعد ذلك اجتمع به وبغيره ‏"‏ فمضى مملوك بشتك وفي ظن قطلوبغا أنه إذا بلغه مملوكه الجواب ركب إليه فأمر قطلوبغا مماليكه بأن يسيروا قليلًا قليلًا وساق هو بمفرده مشوارًا واحدًا إلى القلعة‏.‏

ودخل إلى السلطان وبلغه طاعة النواب وفرحهم بأيامه‏.‏

ثم أخذ يعرف السلطان والأمير قوصون وسائر الأمراء بما اتفق له مع بشتك وأنه كان يريد معارضته في طريقه وقتله فأعلمه السلطان وقوصون بما اتفقا عليه من القبض على بشتك‏.‏

فلما كان عصر اليوم المذكور ودخل الأمراء إلى الخدمة على العادة بالقصر وفيهم الأمير بشتك وأكلوا السماط تقدم الأمير قطلوبغا الفخري والأمير طقزدمر الناصري الساقي إلى بشتك وأخذا سيفه وكتفاه‏.‏

وقبض معه على أخيه أيوان وعلى طولوتمر ومملوكين من المماليك السلطانية كانا يلوذان ببشتك وقيدوا جميعًا وسمروا إلى الإسكندرية في الليل صحبة الأمير أسندمر العمري‏.‏

وقبض على جميع مماليكه ووقعت الحوطة على موجوده ودوره وتتبعت غلمانه وحواشيه‏.‏

وأنعم السلطان من إقطاع بشتك على الأمير قوصون بخصوص الشرق زيادة على ما بيده وأخذ السلطان المطرية ومنية ابن خصيب وشبرا وفرق بقية الإقطاع على ملكتمر الحجازي وغيره من الأمراء‏.‏

فلما أصبحوا يوم الإثنين تاسع المحرم حملت حواصل بشتك وهي من الذهب العين مائتا ألف دينار مصرية ومن اللؤلؤ والجواهر والحوائص الذهب والكلفتاه الزركش شيء كثير جدًا هذا بعد أن فرق غالب موجوده حسب ما تقدم ذكره على الأمراء والمماليك‏.‏

ثم أخرج السلطان الأمير أحمد شاد الشربخاناه منفيًا إلى طرابلس لميله مع بشتك‏.‏

في يوم الخميس أنعم السلطان على أخويه‏:‏ شعبان ورمضان كل واحد بإمرة‏.‏

وفيه قبض السلطان على الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير بكتمر الحاجب لشيء أوجب ذلك‏.‏

وفي يوم الإثنين ثالث عشرين المحرم خلع السلطان الملك المنصور أبو بكر على الأمير طقزدمر الحموي بنيابة السلطنة بالديار المصرية وكان رشح لها قبل تاريخه فلبس الخلعة وجلس في دست النيابة وحكم وصرف الأمور‏.‏

وفي يوم الإثنين سلخه قبض السلطان على الأمير آقبغا عبد الواحد وعلى أولاده وخلع على الأمير طقتمر الأحمدي واستقر أستادارًا عوضًا عن آقبغا المذكور ورسم للأمير طيبغا المجدي وأصبح يوم الثلاثاء أول صفر فتحدث الأمراء أن ينزل في ترسيم المجدي ليتصرف في أمره فنزل في صحبة المجدي وأخذ في بيع موجوده وكان السلطان قد حلف قديمًا أنه متى تسلطن قبض عليه وصادره وضربه بالمقارع لأمور صدرت منه في حقه أيام والده الملك الناصر‏.‏

فكان مما أبيع لآقبغا عبد الواحد سراويل لزوجته بمائتي ألف درهم فضة وقبقاب وخف وسر موجة بخمسة وسبعين ألف درهم‏.‏

وثار به جماعة كثيرة من الناس ممن كان ظلمهم في أيام تحكمه وطلبوا حقوقهم منه وشكوه فأقسم السلطان لئن لم يرضهم ليسمرنه على جمل ويشهره بالقاهرة ففرق فيهم مائتي ألف درهم حتى سكتوا وكادت العامة تقتله لولا المجدي لسوء سيرته وكثرة ظلمه أيام ولايته‏.‏

وفي يوم الأربعاء تاسع صفر قبض السلطان على المقدم إبراهيم بن صابر وسلمه لمحمد بن شمس الدين المقدم وأحيط بأمواله فوجد له نحو سبعين حجرة في الجشار ومائة وعشرين بقرة في الزرايب ومائتي كبش وجوقتين كلاب سلوقية وعدة طيور جوارح مع البازدارية‏.‏

ووجد له من الغلال وغيرها شيء كثير‏.‏

ثم قدم الخبر على السلطان من الأمير طشتمر حمص أخضر الساقي نائب حلب بخروج ابن دلغادر عن الطاعة وموافقته لإرتنا متملك الروم على المسير لأخذ حلب وأنه قد جمع بأبلستين جمعًا كثيرًا وسأل طشتمر أن ينجده السلطان بعسكر من مصر فتشوش السلطان لذلك وعوق الجواب‏.‏